المساحة وعدد السكان
يبلغ سكان دولة أفغانستان 38 مليون نسمة تقريبا وتبلغ مساحتها 650 ألف كيلو متر مربع تقريبا بكثافة سكانية قليلة نسبيا، فيا ترى ما سبب عدم مقدرة الدول العظمى على السيطرة على هذه الدولة ولماذا سميت بمقبرة الغزاة.
في هذه المقاله سنجيب عن هذه الاسئلة بالتفصيل.
لمحة عن محاولات احتلال أفغانستان
قررت الولايات المتحدة الامريكية غزو أفغانستان عام 2001 وبالفعل نجحت في تنحية طالبان عن السلطة ولكنها لم تستطع كسب الحرب ابدا فظلت تقاتل وتقاتل حتى اضطرت عام 2021 الى الخروج من البلاد خاوية اليدين وعادت حركة طالبان الى الحكم بشكل شبه كامل بعد السيطرة على عاصمة كابول.
وفي عام 1979 قرر الاتحاد السوفيتي غزو أفغانستان وبعد حرب دامت 9 سنوات لم تستطع كسب اي شيء فاضطرت الى الانسحاب ايضا.
وقبل ذلك تورطت بريطانيا العظمى في ثلاثة حروب معها ولكنهم خسروها جميعا ولم يستطيعوا كسب اي شيء ايضا.
أسباب فشل محاولات الأحتلال
حاولت الكثير من الدول عبر التاريخ غزو أفغانستان ولم تنجح اي واحدة منها في ذلك، واضطرت جميعها الى مغادرة البلاد في النهاية.
وحدث ذلك لعدة أسباب من أهمها :-
الموقع الجغرافي
لان أفغانستان واحدة من الدول الحديثة التي لا يحدها البحر من اي جانب، فهي محاطة بستة دول وهي ايران، تركمانستان، طاجاكستان، واوزباكستان، باكستان والصين. فاذا ارادت اي دولة غزوها فسيتوجب عليها المرور من احدى هذه الدول وبناء القواعد العسكرية فيها بالاضافة الى الحصول على الدعم الكامل منها.
طبيعة أرض أفغانستان
واذا استطاعت اي دولة تخطي هذه العقبة فانها ستواجه التضاريس الوعرة لهذه البلاد فالجبال تشغل خمسة وسبعين بالمئة من مساحة الدولة.
ومن اهم هذه الجبال هي جبال الهندوكش الشاهقة والتي تجعل مهمة السيطرة على أفغانستان مهمة صعبة جدا.
استعان سكانها بهذه الجبال دائما عند تعرضهم للغزو من اي دولة في العالم فعبور هذه الجبال مهمة صعبة جدا حتى بالنسبة لاقوى جيوش العالم فالمقاتلون الافغان يقطنون هذه الجبال وينشرون قواعدهم العسكرية على كل ارجائها.
الافتقار لطرق ممهدة
ومن اهم الاسباب كذلك حالة الطرق السيئة جدا فعندما دخل الجيش الامريكي الاراضي الافغانية عام 2001 لم يكن يوجد بها سوى 50 كيلو مترا فقط من الطرق الممهدة.
ولان تضاريس هذه الدولة وعرة كما ذكرنا فان تكلفة تشييد الطرق بها يصل الى 5 ملايين دولار لكل ميل تقريبا.
وهو مبلغ لا تستطيع دولة مثل أفغانستان تحمله ولكن الافغان استخدموا نقطة الضعف هذه لصالحهم دائما.
فمن اهم الطرق الموجودة بأفغانستان ممر خيبر. والذي يربطها مع باكستان بواسطة جبال الهندكوش.
ومن الامور الغريبة ان هذا هو الممر الوحيد كانت تستخدمه القوات الامريكية وحركة طالبان معا لجلب الذخائر والمؤن ولكن في عام 2009 قررت حركة طالبان شن هجمات متكررة على الممر مما ادى الى شل حركته تماما.
توقفت الامدادات العسكرية للقوات الامريكية فاضطر لاختيار طرق بديلة عبر دول اخرى وهو الامر الذي كلفها الكثير من الاموال.
استغلا الأفغان لتضاريس
في فترة الحرب السوفيتية كان المقاتلون الافغان يحاصرون المقاتلين الروس في اماكن يصعب عليهم الخروج منها فيكون مصيرهم القتل دائما.
وبعد ذلك كان الأفغان يهربون الى الجبال ويختبئون فيها ولم يكن بمقدور الروس البحث عنهم والعثور على اماكنهم.
التوزيع السكاني
ومن الاسباب المهمة ايضا التوزيع السكاني لهذه البلاد، فهم مقسمون الى عدة اعراق مثل البشتون والاوزبك والطاجك ويسكنون قريبا من حدود البلاد الاخرى.
فكل عرق من هذه الاعراق يتواجد بشكل اكبر في البلاد المجاورة مثل البشتون الذين يشكلون غالبية السكان في أفغانستان ولكن اعداد البشتون في باكستان اكثر بالضعف، اما في باكستان فهم يشكلون الاقلية.
يتوزع السكان على الاراضي في هذه الدوله فتسيطر كل قبيلة او جماعة على منطقة خاصة لها وبالنسبة للغزاة فان كل قبيلة او جماعة تشكل دولة بحد ذاتها.
فاذا هزمت منطقة واحدة يتوجب القتال في منطقة اخرى، وفي هذه الاثناء تستعيد المنطقة المهزومة قوتها وتقاتل مرة اخرى ولهذا السبب لا يشكل سقوط العاصمة الافغانية كابول بيد الغزاة اي اثر على باقي الدولة.
علاقات أفغانستان بالدول المجاورة
سكان أفغانستان لا يعترفون بالحدود فهم يعتبرون جميع البلاد المجاورة مثل بلادا لهم وعندما يتعرضون للهجوم من اي احد فهم يلتجئون الى اقاربهم في الدول المجاورة ولا تستطيع الدول المهاجمة ملاحقتهم نظرا للاتفاقيات المبرمة بين الدول.
الحدود الباكستانية الافغانية لوحدها على 235 معبرا وطريق حدودي، فتسهل هذه المعابر الكثيرة للافغان تهريب الاسلحة والمخدرات لتمويل نشاطاتهم.
وفي يناير عام 2021 اعلنت باكستان انتهاء اعمال السياج الحدودي الذي يصل بين الدولتين ولم يتبقى سوى 12 معبر فقط.
ولكن هل يشكل هذا السياج عقبة امام الافغان؟ لا نظن ذلك، ولكنه سيضع حدا للمهاجرين غير الشرعيين بالتأكيد.
المصادر المالية لحركة طالبان
يقال ان الحرب لا تحسم بقوة السلاح فقد تحسم بقوة المال ولكن الامر مختلف تماما في أفغانستان، تعتبر هذه الدولة من اكبر الدول المصدرة للأفيون وأمثاله من المواد المخدرة في العالم ولا يوجد اي مكان في العالم تقريبا يخلو من مثل هذه المنتجات المصنعة في أفغانستان.
فهي تنتج ما يقارب 80% من الهيروين الموجود في العالم.
المقاتلون هناك يتاجرون بهذه المنتجات المخدرة بكل جدية، حتى يستطيعوا تمويل نشاطاتهم العسكرية ولهذا كانت حركة طالبان تعتبر اغنى حركة غير حكومية في العالم.
الوصول للحكم
واليوم لم تعد طالبان حركة غير حكومية، فقد سيطرت على العاصمة كابول تماما والى جانب ذلك فان المقاتلين الافغان يتقاسمون هذه الارباح مع الفلاحين ليكسبوا دعم السكان ايضا.
محاولات الاحتلال
1: بريطانيا
والآن دعونا نعود الى الوراء قليلا في التاريخ ونسلط الضوء على القوى التي حاولت احتلال أفغانستان ولم تنجح في ذلك.
على رأس هذه الدول بريطانيا العظمى والتي تورطت ثلاثة حروب تقريبا وانتهت جميعها بهزيمة البريطانيين والمحاولة الاولى كانت عام 1839 ثم عام 1878 واما المحاولة الاخيرة فكانت عام 1919.
بعد هذه حرب اعلنت الحكومة البريطانية أفغانستان دولة مستقلة وبعد ذلك اضطروا للخروج منها.
2: الاتحاد السوفيتي
ولكن وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية واثناء الحرب الباردة قرر الاتحاد السوفيتي غزو أفغانستان وعندما لاحظوا عدم استقرار الاوضاع فيها وانها قد لقمة سائغة لهم.
وبعد مرور 10 سنوات تقريبا من القتالات في أفغانستان اضطر الروس ايضا الى مغادرة البلاد، والكثير من الخبراء والمحللين يعتبرون هذه الحرب السبب الاساسي في انهيار الاتحاد السوفيتي.
هذه الحرب هي التي انتجت حركة طالبان ووضعتها على خارطة الصراع وهي الحركة التي غيرت خريطة البلاد الي الأبد.
3: الولايات المتحدة الأميركية
وبعدما وصلت هذه الحركة الي السلطة وحدث بينها وبين الولايات المتحدة بعض المواجهات.
ساهمت أفغانستان في هجمات ال 11 من سبتمبر والتي نتج عنه تدمير برجين التجارة الأمريكية في مدينة نيويورك الامريكية .
فقررت الولايات المتحدة الأمركية لهذا السبب ارسال قواتها الي افغانيستان ولكن بعد انفاقها من 2 ترليون دولار وقضائها 20 عام لم تحصل علي ما تريد وفي النهاية قررت ترك البلاد خاوية اليدين .
كل هذه الدول هاجمت أفغانستان وهي في قمة قوتها ومع ذلك لم تستطيع اي منها الحصول علي مطامعهم فيها جميعهم خسرو الاموال والارواح وتسببو في زعزعة الأمن فيها.
وفي النهاية نتمني لأفغانستان ان تنعم بالحرية والرخاء وان تحل مشاكلها قبل حدوث اي نزاع داخلي مرة اخري لان هذا الأمر لن يكون سوي كابوس جديد لافغانيستان وللعالم اجمع .
اقرأ أيضا : لمحة عن العصر الذهبي الإسلامي .
Leave a Reply